ما هو حكم كشف وجه المرأة في المذاهب الأربعة؟ وما رأي الأئمة في وجوب لبس الحجاب؟ كثيرا ما تطرح هذه الأسئلة بسبب تضارب الآراء واختلافها فيما يتعلق بغطاء الوجه أثناء ارتداء النقاب سواء كان إجباريا أم لا ، لذلك سنعمل من خلال موقع القمة على حل هذا الخلاف بالقول الصحيح حسب ما جاء في الكتاب والسنة.

حكم كشف الوجه للمرأة في المذاهب الأربعة

ولم يتوحد رأي الأئمة في قرار كشف وجه المرأة في المذاهب الأربعة من حيث الواجب ، فقد أجازوا للمرأة أن تكشف وجهها لأن الوجه واليدين ليسا عورة يجب تغطيتها حتى لو كان جسد المرأة كله عورة.

إلا أن هذا لا يلزم إلا في ظل انتشار الفتنة والفجور في المجتمع ، لأنه من شأنه أن يحسن أحوال البلاد والناس ، والأدلة على ذلك كثيرة ومتنوعة ، ومنها رأي بعض الأئمة والعلماء على النحو التالي:

1 رأي الإمام النووي

قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب”: “والمشهور في المذهب أن عورة الرجل ما بين سرته وركبتيه ، وعورة المرأة الحرة بدنها كله ماعدا الوجه والكفين. هذا كله قاله مالك وجماعته ، وأخرجه أحمد.“.

اقرأ أيضاً: حكم الحامل إذا ولدت في رمضان

2 رأي القاضي عياض

يقول القاضي عياد استكمال المعلم بفوائد المسلم: “وفي هذا كله عند العلماء حجة أنه ليس بواجب أن تستر المرأة وجهها، وإنما ذلك استحباب وسنة لها، وعلى الرجل غض بصره عنها. “

كما وردت شواهد كثيرة من الكتاب والسنة النبوية تؤكد أن تغطية المرأة لوجهها ليست فرضاً مطلقاً كالحجاب ، ومن هذه الأدلة ما جاء في هذا الحديث الشريف:

“عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: أَرْدَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الفَضْلَ بنَ عَبَّاسٍ يَومَ النَّحْرِ خَلْفَهُ علَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وكانَ الفَضْلُ رَجُلًا وضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ،

وجاءت امرأة من خثعم وسيدة من الضاحية لتسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبدأ الفضل ينظر إليها وأعجب بجمالها. مر النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان الفضل يراقبها.” [رواه: البخاري].

حكم النقاب في المذاهب الأربعة

يدعونا الحديث عن ضوابط الكشف عن الوجه للمرأة في المذاهب الأربع إلى معرفة تفاصيل ضوابط النقاب عند أئمة المدارس ، على النحو التالي:

1 حكم النقاب عند الحنفية والمالكية

والغريب عن المرأة هو من ليس من محارمها ، أي لا يحرم عليها الزواج ، وذهب الحنفية والمالكيون إلى أن وجه المرأة لا يعتبر عورة ، فلا يلزمها لبسه أمام الرجل الأجنبي.

أي: ليس عليها أن تستر وجهها أمام من لا يحرم نكاحها ، وقد استنتج أئمة المذهبين صحة قولهم ببراهين عديدة ، منها ما جاء في كتاب الله الكريم:

{وقل للمؤمنات أن يخفضن أعينهن ويحافظن على عورتهن ويظهرن جمالهن فقط كما يظهر. يسحبن الأوشحة على جيوبهن ولا يكشفن عن جمالهن إلا لأزواجهن ، أو لآبائهن ، أو لآباء أزواجهن ، أو لأبنائهم. هم أو أبناء أزواجهن أو إخوتهم أو أبناء إخوتهم أو أبناء أخواتهم أو زوجاتهم أو ما يملكون …} [سورة النور:31].

وأشاروا أيضا إلى أن النقاب في الإحرام والصلاة ليسوا واجبا ، وقالوا إنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها في كليهما ، وإذا وجب عليها بطل صلاتها ؛ لأن الصلاة إذا فقدت شرطًا من شروطها تبطل.

إقرأ أيضاً: حكم الاحتلام في نهار رمضان

2 حكم النقاب عند الشافعية والحنابلة

وذهب الحنابلة والشافعية إلى أن وجه المرأة عورة أمام أي أجنبي ، فيجب عليها ستر وجهها. {وأظهروا زينتهم إلا ما هو ظاهر.} [سورة النور: 31].

والمظهر الواضح هنا هو أن الزينة تنقسم إلى نوعين: الأول: الزينة الخلقية التي خلقت مع الإنسان ، والثانية: الزينة المكتسبة التي لم تخلق مع الإنسان.

بالإضافة إلى ذلك ، يعتبر الوجه أكثر ما يعبر عن جمال المرأة ، والزينة المكتسبة هي ما تستعمله المرأة من كحل ، ومجوهرات وصبغات ، والآية الكريمة السابقة تثبت تحريم الزينة بشكل عام.

كما استنتجوا صحة إخبارهم من أحد الأحاديث الصحيحة وهو: وفي عهد جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤيتي المفاجئة فأمرني أن أبصر. [رواه مسلم].

واستشهدوا ، مرة أخرى ، بآية آية من آيات الله ، أكدوا من خلالها عدم جواز النظر إلى النساء ، وأن ما ورد في الآية الكريمة لا يقتصر على زوجات الرسول ، بل يشمل أيضاً أي مسلمة تلزمها النقاب.

{إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} [سورة الأحزاب: 53].

إن قرار الكشف عن وجه المرأة في المذاهب الأربعة ، وإن كان مختلفًا بعض الشيء ، فإن الأمر في نهاية المطاف لا يثقل كاهل المرأة بالذنب أو العبء الثقيل ما دامت متمسكة بالحشمة والحجاب الصحيح الذي وصفه وعرفه الدين.