إذا شربت الماء أثناء الصيام خارج رمضان فهل عليّ قضاؤه؟ هل الإفطار في الصيام متعمد كالفطر بغير قصد؟ يجب الصيام على كل مسلم ومسلم عاقل وكبير وصحي ، لكن الصوم لا يقتصر على شهر رمضان فقط ، بل يمكن صيامه طوعاً أو قضاء أيام الإفطار.
إذا شربت ماء وأنا صائم في غير رمضان
نحن على وشك استقبال الشهر الفضيل خلال الفترة القادمة ، ووفقًا لما هو آت ، وغالبًا ما يحدث أن يفطر الصائم خلال هذا الشهر أو تارة أخرى بالشرب أو الأكل كرهاً مع وجود من يصوم ، ويسأل المسلم في ذلك الوقت إذا كنت أشرب الماء وأنا صائم في أي وقت غير رمضان؟
يتلخص جواب هذا السؤال في هذا الحديث:
“عن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن أكَلَ ناسِيًا وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ”
[رواه أبو هريرة، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].
الإسلام دين متسامح وهادئ ، ولا يتحمل الصائم عبء الإفطار في رمضان ولا في غير شهر رمضان ، بشرط أن يكون الصائم قد نسي فعلاً وليس لديه نية في الإفطار حتى لا ينقض أجر عمله.
ثم يمكنه أن يكمل صيامه بشكل طبيعي ولا يفطر بقية اليوم ، ويتوقف عند هذه المسألة الصغيرة ، فالدين سهل لا مشقة ، ولا أحد منا ينسى أو ينسى صيامه أو صلاته أو حياته بشكل عام ، فمن أفطر سهواً وجب اعتبار أن الله قصد إطعامه أو تسقيته بهذا النسيان.
اقرأ أيضا: هل يجوز أن أفطر وأنا صائم؟
مبطلات الصيام
في إجابة السؤال: إذا شربت الماء في غير رمضان ، فهل عليّ قضاؤه؟
1 جماع الأزواج
ومن أهم مفسدات الصيام وتغييره ترتيب الجماع بين الزوجين في صيام رمضان ، ولا يجوز لهما ذلك إلا بعد الإفطار ، كما يقول تعالى:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ} [سورة البقرة: الآية رقم 187].
وهناك دليل قاطع آخر ، وهو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، حيث قال:
“جَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ! قَالَ: وما شَأْنُكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ علَى امْرَأَتي في رَمَضَانَ، قَالَ: تَسْتَطِيعُ تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: اجْلِسْ. فَجَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ والعَرَقُ: المِكْتَلُ الضَّخْمُ قَالَ: خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به. قَالَ: أعَلَى أفْقَرَ مِنَّا؟ فَضَحِكَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، قَالَ: أطْعِمْهُ عِيَالَكَ“
[رواه أبو هريرة، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].
2 الاستقاءة عمدًا
والمراد بالقيء: القيء بتعمد إخراج ما في البطن ، وقد أكد جمهور العلماء الشافعي والحنبلي والمالكي أن القيء يفسد الصيام ، واستنتجوا صحته كما روى أبي هريرة رضي الله عنه ، حيث قال:
“قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجب على من تقيأ في صيامه قضاء ، وإذا تقيأ فعليه قضاؤه“
[رواه أبو هريرة، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود].
3 تعمد الأكل أو الشرب
يتفق جمهور العلماء على أن الأكل والشرب عمدا يفسد الصيام ويفسده ، سواء في رمضان أو في غيره ، ويتحمل المسلم العبء إلا إذا كان له عذر ورخصة شرعية.
4 دخول شيء إلى الجوف من منفذ مفتوح
وأشار أئمة المدارس الأربع إلى أن المعدة تأتي من الجوف ، والدماغ يخرج من الجوف أيضا ، والحلق أيضا ، فإذا دخل شيء في البطن فهو مفطر.
5 الارتداد عن الدين
ردة المسلم أو انسحابه من دينه يبطل الصوم. لأن الإنسان يجب أن يكون مسلماً حتى يصوم وصيامه مقبول.
6 الحيض والنفاس والولادة
من ثوابت الدين الإسلامي أن الحائض أو التي ولدت وأثناء النفاس لا يجب عليها الصوم أو الصلاة ؛ لأن هذا الأمر خارج عن إرادتها ، ولكن هذه الأيام يجب أن تعوض عنها فيما بعد.
أركان الصيام
للصوم في الإسلام أركان يجب مراعاتها في الصيام ليكون مقبولا وصحيحا. تتلخص هذه الركائز على النحو التالي:
1 إخلاص النية
النية في القلب ، وهي تدل على إيمان المرء وعزمه على فعل شيء معين ، ومن الأدلة على أن النية من أهم أركان الصيام هذا الحديث:
عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يبيِّتِ الصِّيامَ قبلَ الفَجرِ، فلا صيامَ لَهُ“
[روته أم المؤمنين حفصة بنت عمر، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح النسائي].
كما أن هناك أدلة على أن النية ركن من أركان صحة جميع الأفعال في حياة الإنسان ، ونستمد الحقيقة من هذا بهذا الحديث:
“عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ”
[رواه عمر بن الخطاب، وحدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].
اقرأ أيضا: قوة الدعاء في تحقيق المستحيل قوة الدعاء على ليلة القدر
2 الإمساك عن سائر المفطرات
والمراد بالامتناع عن ما يفطر: البعد عن الأكل والشرب والجماع من الفجر حتى غروب الشمس ، ودليل ذلك ما ورد في كتب الله تعالى وكلمته:
{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة البقرة: الآية رقم 187].
حيث أشار علماء الدين والفقه الإسلامي إلى أن الخيط الأبيض يعني في هذه الآيات الكريمة بياض النهار ، بينما الخيط الأسود يعني ظلام الليل.
في إجابتي على السؤال: إذا شربت الماء في غير رمضان يتبين لنا مدى تسامح الإسلام وتيسيره وعدم تشدده مع المسلمين وعباد الله الذين يريدون التقرب إليه من خلال الأعمال الصالحة.